الثلاثاء، 28 فبراير 2012

ورقة عمل حركة رقابيون ضد الفساد بندوة بمجلس الشعب


ورقة العمل المشتركة المقدمة من حركة رقابيون ضد الفساد ونادى المحاسبات بالندوة التى عقدت بمجلس الشعب اليوم بين لجنتى الخطة والموازنة واللجنة الاقتصادية

 بسم الله الرحمن الرحيم ( قالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) صدق الله العظيم

عجز الموازنة العامة وطرق الحد منه الموازنة العامة للدولة هى البرنامج المالى للخطة عن سنة مالية مقبلة ، لتحقيق اهداف اقتصادية واجتماعية محددة ، وذلك فى اطار الخطة العامة للدولة .

فالموازنة العامة للدولة عبارة عن خطة مالية يتم فيها تقدير جميع الاستخدامات والموارد المتوقعة لأوجه نشاط الدولة عن سنة مالية قادمة ، وتصدر بقانون من مجلس الشعب .

والعجز المقدر فى الموازنة العامة : هـو مقدار الفرق المقدر بين الموارد المقـدرة والاستخدامات المقدرة للدولة خلال سنة قادمة . وعجز الموازنة العامة للدولة ليس دائما كما يعتقد البعض ، خطر يجب القضاء عليه ، فللعجز انواع هى : أولا : عجز مخطط : ( عجز حميد ) وهذا العجز يكون غالبا فى الدول الآخذة فى النمو والتى تتبنى خطط طموحة ، بانشاء مشروعات عملاقة مثل ، مشروعات البنية الأساسية الضرورية لاحداث تنمية ، كالطرق السريعة والمدن الصناعية الكبرى ، وشق الترع وبناء الجسور وانشاء الشركات والمشروعات العملاقة ، فمثل هذه المشروعات يعود النفع منها على الدولة لعشرات السنين وان كانت سنة او اكثر قد تحملت بالعجز الناتج عن انشاء تلك المشروعات . ثانيا :عجز طارىء : (عجز عرضى ) هو عجز ناتج عن ظروف طارئة تمر بها الدولة ، كأن تمر الدولة بكارثة طبيعية كالزلازل او البراكين او الفيضانات او قلاقل او اضطرابات داخلية او حروب ، او غير ذلك . ثانيا :عجز مزمن : ( عجز مرضى ) هو عجز مستمر وغالبا يزداد عاما بعد عام ، نتيجة زيادة مصروفات الدولة عن ايراداتها . وهذا اخطر انواع العجز وغالبا تتجه الدولة الى الاقتراض من الداخل والخارج لتغطي هذا العجز ، مما يؤدى الى زيادة اعباء الديون وبالتالى ارتفاع العجز عاما بعد عام ، او تتجه الحكومة الى بيع الاصول المملوكة للدولة. وللاسف فإن العجز الموجود بالموازنة العامة لمصر( الايرادات – الاستخدامات ) ، عجز مرضى حيث تطور على النحو التالى : العجز عام 2000/2001 مبلغ 34.1 مليار جنيه عام 2004/2005 مبلغ 61.1 مليار جنيه . عام 2009/2010 مبلغ 124.1 مليار جنيه . عام 2010/ 2011 مبلغ 140 مليار جنيه . ولقد ادى ذلك الى تضخم الديون الداخلية والخارجية للدولة ، وبالتالى زادت اعباء خدمة الدين عاما بعد آخر على النحو التالى : المديونية فى 30/6/2009 مبلغ 705 مليار جنيه . فى 30/6/2010 مبلغ 811 مليار جنيه . فى 30/6/2011 مبلغ 1050 مليار جنيه . ولما كان العجز ناتج اما عن الزيادة فى المصروفات بالاسراف فيها او بالاستيلاء على الأموال العامة او اهدارها ، او بانخفاض الايرادات ، وذلك بتسرب جانب منها من الموازنة العامة للدولة الى صناديق او حسابات خاصة او بعدم تحصيل جانب من الأمـــوال العامـــــــــــة المستحقــــــة للدولـــــــــة ، او بتدنى المـوارد المستحقة للدولـــــــة مقارنــــــة بالتكاليف والأعباء التى تتحملها الدولــــــة فى سبيل انجــــــاز العديد من الخدمات التى تؤديها( التى لا تتعلق بالدعم ) نتيجة قصور التشريعات التى تقرر رسوم الخدمات وعجزها عن مواكبـــــة التطور فى الأسعار والتضخم فى التكاليف ، او بقـــــاء جانب كـــــــــبير من الديون المستحقة للحكومة دون تحصيل ( اكثر من 110مليار جنيه ).

ولما كانت مراحل الموازنة تتم بالخطة ثم باقرارها ثم بتنفيذها والرقابة عليها وصولا للحساب الختامى للدولة . لذلك نرى ان الحد من عجز الموازنة العامة للدولة يتم عبر طرق وخطوات متنوعة هى :

أولا : وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب : لابـــــد مــــــــــــــن استبدال سياسة اختيار القيـــــادات التى اتبعها النظام السابق " اختيار اهل الثقة " بسياسة " اختيار اهل الخبرة المؤتمنين " ، ولنا فى تجربة الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز خير مثل ، اذ تولى قيادة الدولة الاسلامية المترامية الأطراف وحالها لايسر ، فماذا فعل ؟ بدأ بنفسه وبأهل بيته ثم بأقاربه وأمرائه ، واعطى القدوة والمثل ، فاقتدت به الامة ، فجاء اليوم الذى لم يجدوا فيه فقير يعطوه الزكاة ، بعد ان كان الناس لايجدون قوت يومهم ، كل ذلك فى اقل من عامين ونصف !!! كما يتعين وضع اسس واضحة لتقييم القيادات وان تكون معروفة مسبقا لهم ، ومنها مدى تحقيقه اهداف الجهة التى يترأسها ، فى ضوء معايير الاقتصاد والكفاية والفاعلية ، وان يكون ذلك بمعايير موضوعية .

 ثانيا : تفعيل أجهزة الرقابة ، وعلى رأسها " جهاز الرقابة الأعلى " الجهاز المركزى للمحاسبات " : ان للجهاز المركزى للمحاسبات دور كبير فى الحد من عجز الموازنة العامة للدولة وحماية الاموال العامة ، ولن يتأتى ذلك الا بمنحه الصلاحيات والاختصاصات والادوات التى تمكنه من تحقيق هذا الهدف ، ولقد راعينا ذلك فى مشروع القانون الذى تم اعداده بمعرفة اللجنة المشكلة من نادى المحاسبات المصرى وحركة " رقابيون ضد الفساد " وشارك فيها زملاء من كل ادارات الجهاز ،واهم النقاط الواردة به هى توسيع اختصاصات وصلاحيات الجهاز لتشمل : - الرقابة على مشاريع الخطة والموازنة وتقديم تقارير عنها لمجلسكم الموقر ، من واقع خبرة السادة اعضاء الجهاز ومن واقع رقابة الجهاز على الخطط والموازنات السابقة . - منح الجهاز اختصاص جديد بالرقابة على الاجراءات المتخذة فى شأن جرائم العدوان على المال العام من وقت العلم بارتكاب الجريمة وحتى رد المبالغ التى تم الاستيلاء عليها او اهدارها للدولة . - منح الجهاز حق تعقب المال العام فى الشركات التابعة وغيرها مما تنشئه الاشخاص العامة وما يخصها من صناديق وحسابات خاصة . - منح الجهاز حق الرقابة على القوانين واللوائح والقرارت والتعليمات المالية والادارية فى ضوء التطبيق العملى لها ، وتحديد ما بها من اوجه نقص وقصور ومنحه حق اقتراح القوانين وطلب تعديل اللوائح والقرارات والتعليمات المخالفة ، ووقف العمل بها ، ان اقتضى الامر ذلك . - منح الجهاز حق احالة المخالفات مباشرة الى جهات التحقيق المختلفة ، وتغليظ العقوبات على عدم الرد على الجهاز او عدم اتخاذ الاجراءات المناسبة بشان المخالفات التى اوردها الجهاز فى تقاريره . - النص على عقوبات رادعة لمن يعطل او يعرقل رقابة الجهاز على جهة من الجهات الخاضعة لرقابته بشكل كلى او جزئى و ايا كان من تسبب فى ذلك . - منح اعضاء الجهاز الصلاحيات التى تمكنهم من آداء اعمالهم الرقابية بفاعلية ، ومنحهم دخلا كافيا يوفر لهم الاستقلال اللازم الذى يمكنهم من العمل بذهن صف وبمنأى عن اية ضغوط مادية او أدبية . وفى هذا الصدد ينبغى النظر الى الجهاز والى رقابته المانعة والتى تمنع العديد من المخالفات وجرائم العدوان على الاموال العامة ودوره فى كشف الجرائم التى ترتكب عليها وفى استردادها ، ولا يغيب عنا ان العائد على الاموال العامة من رقابة الجهاز اضعاف اضعاف ما ينفق فى سبيل قيامه برقابته ، فقلد انتهى مكتب المساءلة الامريكى فى دراسة له عام 2008 الى ان الدولار الذى ينفق على رقابتـــــه يعــــود على الدولة ب 114 دولار ( هذا العائد المنظور فقط ، بخلاف العائد من الرقابة المانعة ) .

ثالثا : اعادة النظر فى التشريعات المالية والادارية المعيبة : هذا مجال خصب من الممكن ان يساهم الجهاز المركزى للمحاسبات فيه بفاعلية ، لما لأعضائه من خبرات واسعة ودراسات مستفيضة فى هذا المجال ، ومن ذلك على سبيل المثال :
• تقليص صلاحيات وزير المالية فيما يسمى بالاعتماد الاجمالى والذى يؤدى الى خروج هذا الاعتماد من الرقابة المسبقة لمجلس الشعب فى تحديد الخطة ومشروعاتها واوجه الصرف .
• علاج مشكلة الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص التى تستنزف المليارات من موارد الدولة سنويا ويصرف جانب كبير منها كحوافز و مكافآت .

 رابعا : التحول من المركزية الخانقة الى اللامركزية المرنة : ان المركزية الشديدة كان – ولازال - لها دور كبير فى زيادة عجز الموازنة ، اذ كان على وزارة المالية تدبير الاعتمادات المالية لكل الجهات وتغطية ما بها من عجز ، الامر الذى سبب تواكل قيادات تلك الجهات وعدم العناية بتحصيل مواردها وتخفيض نفقاتها . كما لم تمنح هذه المركزية قيادات تلك الجهات المرونة فى فرض وتحصيل الرسوم ومقابل الخدمات التى يؤدونها فى ضوء المتغيرات المحلية والخاصة بكل جهة . ومن ذلك مثلا :
 -رسوم التفتيش التى تحصلها الوحدات المحلية على المحلات كما هى منذ 56 سنة 500 مليم عن عام كامل .
- رسوم اشغال الطرق كما هى منذ 56 سنة ، فهل يعقل ان يكون رسم شغل الشارع بكشك لمدة عام 180 قرش ، ( ولعل ذلك يوضح الفوضى التى نعيشها فى شوارعنا التى لم يعد بها موطىء قدم للمارة بالأرصفة ويعج نهر الشارع باشغلات من كل نوع ) .
- هل يعقل ان تكون رسوم الاعانات المضيئة بالمليم ، بينما تحصل شركات الدعاية على مئات الألوف من الجنيهات عنها . ولقد طالبت بتغيير قانونى الاعلانات والاشغالات من عام 1997 لكن دون جدوى .

خامسا : تحفيز القائمين على التحصيل والانفاق فى حالات ترشيد الانفاق او زيادة التحصيل : للاسف قانون الموازنة العامة للدولة يحث الجهات على ترشيد الانفاق فى الانارة والغاز والمياة و... وتحفيز القائمين على ذلك ، لكن هذا لا يحدث لضعف المبالغ المخصصة لذلك بالموازنة ، ولقيام أغلب المسئولين بتلك الجهات بتخصيص هذه الاعتمادات لمن يرضون عنهم ودون اية ضوابط تذكر! فمثلا مصر تنفق سنويا حوالى 4 مليار جنيه على انارة الشوارع والطرق ، ولم يكلف احد نفسه بالبحث فى ترشيد هذا الانفاق ، وكان لى تجربة فى هذا الشان فى محافظة الغربية اذ تبين من الفحص ان هناك حوالى 35% من المبالغ التى تنفق على استهلاك الانارة العامة ( حوالى 40 مليون جنيه سنويا ) وهمية ولا اساس لها وتم تخفيضها بالمحافظة بتطبيق مجموعة اسس واجراءات ، واعتقد انه سيتم تخفيض استهلاك الانارة العامة على مستوى مصر بما لا يقل عن مليار جنيه ان طبقت تلك الأسس والاجراءات . تحفيز القائمين على تحصيل الديون المستحقة للدولة ( حوالى 110مليار جنيه ) .

سادسا : اعادة النظر فى الدعم وطرق تقديره واساليب منحه : الدعم يستنزف 25% من الاستخدامات واعلاه دعم المواد البترولية والتى تصل الى حوالى 70% من الدعم . وينبغى العمل على توفير المواد البترولية محليا وعدم الاعتماد على استيرادها فى الوقت الذى نصدر فيه البترول الخام ، وهو مايخلق فرص عمل ويوفر عملات اجنبية ( والاستثمار فى هذا المجال يسبب عجز مؤقت مخطط حميد ، لكنه يحد من العجز على المدى الطويل ) . وينبغى اعادة النظر فى طرق تقديره واساليب منحه و تشديد الرقابة عليه وتغليظ العقوبات على المتلاعبين به .

 سابعا : ينبغى الضرب بيد من حديد على يد الفاسدين ولصوص المال العام اللذي باعوا ويبيعوا ، ثروات الدولة من بترول وغاز واراضى بطرق مشبوهة وبمبالغ زهيدة ، لردعهم هم وغيرهم .

 هذا مختصر لما نراه سبل للحد من عجز الموازنة العامة للدولة

والله ولى التوفيق

تحريرا فى : 28/2/2012


=====================================================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق